حوار خاص | سرحان الناصري يدعو الرئيس قيس سعيد لإشراك الأحزاب في بناء اقتصاد تونس
October 27, 2024
سياسة
شارك هذا :

في مقابلة خاصة مع شبكة عليسة، تحدث سرحان الناصري، رئيس حزب التحالف من أجل تونس، عن رؤى الحزب للتحديات السياسية الراهنة في تونس، ودور الأحزاب في المرحلة المقبلة، وعلاقة الحزب بالرئيس قيس سعيد، إضافة إلى موقفه من حركة النهضة و"الخلايا النائمة". وفيما يلي نص الحوار:

سؤال: كيف ترون دور الأحزاب السياسية، وخاصة حزب التحالف من أجل تونس، في تشكيل المرحلة المقبلة بعد المتغيرات التي شهدتها البلاد عقب 25 جويلية؟

الناصري: "الأكيد أن دور الأحزاب مهم ويبقى أساسيًا، فهي تمثل الهيكل القانوني لممارسة الحياة السياسية، لكن المشهد والواقع السياسي في تونس قد تغيّر منذ 25 جويلية، وخاصة بعد اعتماد النظام الرئاسي مع دستور 2022. بعد 2011 واعتماد النظام البرلماني، كانت الأحزاب تشارك في تشكيل الحكومة وتعيين وزراء من خلال التمثيلية الحزبية في البرلمان، وهذا للأسف ساهم في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بسبب التعيين حسب الولاءات والمحاصصة الحزبية. اليوم، ومع تغير النظام السياسي للبلاد، يكون رئيس الجمهورية هو المسؤول والمخوّل لتعيين الحكومة وأعضائها. ويكون دور الأحزاب فاعلًا من خلال تقديم البرامج والنقد البناء، معارضة سياسات الحكومة في كل ما لا يتماشى مع مصلحة الشعب، وتوعية المواطنين وحثهم على المشاركة في الشأن العام."

سؤال: في ظل دعمكم المعلن للرئيس قيس سعيد، هل تعتبرون حزب التحالف من أجل تونس جزءًا من التيار الداعم لسياسات الرئيس، أم تسعون للحفاظ على مسافة نقدية؟

الناصري: "دعم حزب التحالف من أجل تونس لرئيس الجمهورية كان بناءً على إجراءات 25 جويلية 2021، واستجابة لطلب الشعب التونسي آنذاك، وأيضًا لدعم سياسة مكافحة الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي شهدتها تونس خلال عشرية الخراب. لكن دعمنا المعلن لا يعني أننا لا نختلف معه في بعض النقاط، منها الاقتصادي أساسًا، وهنا نؤكد أننا سعينا وما زلنا نحافظ على المسافة النقدية."

سؤال: كيف تصفون طبيعة علاقتكم الشخصية والسياسية بالرئيس قيس سعيد؟ وهل هناك نقاط تلاقٍ بين رؤيتكم لمستقبل تونس وبين رؤيته؟

الناصري: "تبقى علاقتنا مع السيد رئيس الجمهورية طيبة وفي كنف الاحترام المتبادل. نشترك معًا في عدة نقاط، أبرزها تطهير الساحة السياسية من الفاسدين والانتهازيين، وفرض السيادة الوطنية ومبدأ التعامل بالمثل مع بقية الدول. كما ننتظر من رئيس الجمهورية اعتبار الأحزاب السياسية الوطنية شركاء فعليين في البناء والتشييد من خلال فتح باب التحاور والتشاور في ما يخص القضايا الوطنية والاستماع للمقترحات البناءة لبناء اقتصاد وطني قوي يلبي احتياجات الشعب التونسي."

سؤال: برأيكم، ما هي الأولويات التي يجب أن يركز عليها الرئيس قيس سعيد في الفترة المقبلة لتعزيز الاستقرار وتحقيق تطلعات التونسيين؟

الناصري: "الأولويات عديدة وأهمّها تحقيق التنمية الاقتصادية ودفع الاستثمار من خلال ثورة تشريعية على القوانين القديمة التي ساهمت في التراجع الاقتصادي. من الأولويات أيضًا إيجاد حل جذري لوجود المهاجرين غير الشرعيين الذي يشكّل خطرًا على أمننا القومي والغذائي. ومن الأولويات اعتماد سياسة دبلوماسية تدفع الاقتصاد مع شركائنا من الدول الصديقة والشقيقة."

سؤال: أشرتم في تصريحات سابقة إلى غياب البرامج لدى المعارضة، وتركيزها فقط على مهاجمة الرئيس. لماذا تعتقدون أن المعارضة لم تتمكن من تقديم برامج بديلة؟ وما هي المجالات التي يمكن أن تركز عليها لتقديم بديل فعّال؟

الناصري: "منذ 25 جويلية 2021، ركزت قوى المعارضة على مهاجمة الرئيس ومحاولة الإطاحة به، ما يفسّر اتهام عدة قياداتها في قضايا التآمر على أمن الدولة. المعارضة فشلت في تشكيل هيكل سياسي موحّد، وكان تركيزها منصبًّا على التشكيك في سياسات رئيس الجمهورية، وكان الهاجس الوحيد لديها العودة لسدة الحكم واستعادة المناصب الحكومية، بعيدًا عن المصلحة العليا للشعب التونسي."

سؤال: تحدثتم عن وجود "خلايا نائمة" للإخوان في المشهد السياسي، ودور حركة النهضة في ذلك. ما هي الخطوات التي ترونها ضرورية من جانب الدولة لمواجهة هذه التحديات وضمان استقرار البلاد؟

الناصري: "حتى مع انهيار حركة النهضة ونهايتها السياسية والمجتمعية، يبقى هناك وجود لخلايا نائمة، وهذا يندرج ضمن سياسة الإخوان المسلمين. دور حركة النهضة في استخدامها أصبح مؤخرًا موكولًا لقوى المعارضة وجبهة الخلاص وغيرهم من الانتهازيين المتواطئين مع قوى أجنبية تريد فرض أجنداتهم على تونس والشعب التونسي. وتبقى الخطوة المهمة هي حلّ حركة النهضة قانونيًا والعمل على تنقيح القانون الأساسي للجمعيات والأحزاب."

سؤال: طالبتم بحل حركة النهضة، لكن هل أنتم قلقون من أن هذه الدعوة قد تفتح الباب أمام الدولة لحل أحزاب أخرى؟ وكيف يمكنكم كحزب سياسي أن تضمنوا عدم استغلال هذا التوجه لضرب التعددية السياسية في تونس؟

الناصري: "حل حركة النهضة هو مطلب حزب التحالف من أجل تونس وأغلبية الشعب التونسي، وهذا لا يقلقنا في شيء. نحن نطالب باحترام القانون وبتغيير قانون الأحزاب، وكلنا قناعة من عدم استغلال هذا التوجه لضرب حزبنا طالما أننا ننشط في كنف احترام القانون وتغليب المصلحة العليا للوطن. التعددية الحزبية مكفولة بالدستور، علمًا بأن الدولة التونسية لا تحتمل وجود 244 حزبًا سياسيًا."

سؤال: في ظل هذه التحديات، ما هي رسالتكم لأنصاركم ولمتابعي شبكة عليسة وللتونسيين بشكل عام، خاصة من المحبطين ومن يواجهون صعوبات اقتصادية؟

الناصري: "رسالتنا واضحة، تونس تمر بمرحلة مفصلية وفترة صعبة، وتحتاج لكل مكوناتها السياسية والمجتمعية لتكثيف الجهود. نحث على النهوض بالبلاد وتجاوز الأزمات وتحقيق الاستقرار من خلال العمل واحترام علوية القانون. ويجب أن نتحلّى بالتفاؤل، فالقادم سيكون أفضل إن شاء الله."